الطريقة الأفضل للتعامل مع وسم الميتا و وسم العنوان
15 نوفمبر، 2017كيف تكسب ثقة جوجل ؟
15 نوفمبر، 2017
أحبّذ كثيرًا العمل كمُستقلّ فالعمل كُمُستقل يجلب لي سرورًا خاصًا في النفس، ولكن غالبًا هذا ليس حال جميع المُستقلين، فهم يعتقدون عكس ذلك،
ويظنون أنّي صاحب عقليّة خاصّة.
يسري في مجتمع الويب مُعتقدٌ مُعيّن، أنّ العمل كمُستقلّ وتحمل تبعاته وعقباته هو أمرٌ يفعله البعض فقط عند حاجتهم لتمويل المشاريع الّتي يهتمون بها،
يعتبرني البعض بأن شخص مُنعزل وأغني على ليلاي، وذلك فقط لأني لا استهوي العمل مع الشركات الناشئة أو حتَّى العمل على مشروعي الخاصّ، فقد
ارتبط العمل الحرّ بمظاهر التوتّر وعدم المرونة، خاصّة تلك المشاريع الّتي يكون أصحابها من النوع صعب التعامل وأصحاب طلبات متكرّرة، ولكنّي
أنظر إلى الأمور من منظور آخر، فالعمل مع العُملاء والعمل الحرّ هو أمرٌ لطالما بعث في نفسي الحماس، فهو يجعل مني أقدّر المشروع الّذي أعمل
عليه أكثر كما لو كان مشروعي، وليس بالضّرورة أنّ يكون الأمر بذلك التعقيد الذي يتحدّث عنه البعض، بل على العكس، قد يكون الأمر فرصة للدخول
في تجربةٍ فريدةٍ تستحق العناء.
.
هل هي عقليّة العميل؟
أرى يوميًا على صفحات التواصل الاجتماعيّ سواءً فيسبوك أو تويتر كيف يُبدي المُستقلّون شكواهم حول العُملاء، أو أنّهم على الأقل يشيرون إلى بعض
الحالات الشائبة والتجارب الفاشلة، حيث ُيَميل مُعظم المُستقلّون إلى الترويح عن نفسهم والتحدث عن عوز العُملاء إلى إدراك حقيقة الأمور، بجانب
ترددهم في مشاريعهم، وعدم رضاهم في معظم الأحيان.
كنت أتحدث قبل مُدّة مع أحد المُستقلين عن العمل الحر وعن تجربتي الشخصيّة في هذا المجال، وأذكر أنّي قلت:
لسبب ما أنا لم يحدث وسبق لي أنّ تعاملت مع عميل ذو تعامل سيّئ من النوع الّذي يتحدث عنه مُعظم المُستقلّون
كنت أعتقد ولفترة طويلة أنّه الحظّ وفقطّ الحظّ هو السّبب في أنّ جميع عُملائي من أصحاب التفكير العمليّ والعقول الليّنة والمرنة، ولكن ما كان منّي أن
أدركت أنها ليست الصُدفة والحظّ وراء السبب في تعاملي مع هذا النوع من العُملاء، بل ربما يكون السبب هو أسلوبي وعقليتي كمُستقلّ ذو منهجية هي
السر في أن جميع عملائي من العُملاء الذي يتمناهم أي مُستقلّ.
.
لا أنكر أنّ للحظّ دورًا ما في حصولي على هذا النّوع الطيّوب من العُملاء بطبيعة الحال، ولكن أريد أن أوضح نقطة هامّة، وهي أنّي عندما أقوم بالبحث
عن مشاريع مُحتملة لي، فأنا أبحث عن المشاريع الّتي يَبدو على أصحابها الشغف حول مشاريعهم، وليس ذلك فقطّ بل من يَهتم بالجودة النهائيّة بشكل
حقيقيّ وبشكل نابعٍ من القلب، وهذا النّوع من العُملاء وفقطّ هذا النّوع هو من سيجعل من المشروع مُيسّرًا من دون الدخول في متاهاتٍ لا يُحمَد عُقباها.
غيّر العمل الحرّ من نظرتي المُسبقة حول العُملاء، حيثُ أنّي كنت أنظر نظرة استخفاف إلى بعضهم، بالضبّط أولئك الذين لا يُدركون حقيقة الأمور،
وأصبحت أجد فيهم فرصةً لتثقيفهم ووضعهم على الخطوات الأولى نحو فهم الأمور بشكلها الصحيح، على عكس ما كنت أفعل سابقًا وهو الشكوى
والتّذمّر، حيثُ أنّ هذا التغيير من شأنه أن يَنقل المُستقلّ من حالة عدم الثقة بالعميل إلى حالةٍ مُغايرةٍ تمامًا، وهي التعامل مع العميل بشفافيّة تامّة تُسهل
من إنجاح المشروع.
.
السر في التواصل
بحكم طبيعة عمل المُصمّمين، فإن جلّ عملهم هو في التواصل مع العُملاء، ولذلك فإن المُصمّم الّذي يجد صعوبة في التواصل مع عملائه سيُعاني الأمرين
مع العمل الحرّ، وإن كان يَعتقد المُصمّم أن عمله كمُستقلّ أو عمله عن بُعد (remotely) سيكون خاليًا من أي نوعٍ من أنواع الاتصال، فإن هذا
المُستقلّ ليس فقطّ مُخطئ، بل هو يَطير ويُحلّق خارج السرب ويغرد بعيدًا عنه.
.
-يَجب على المُصمّم أنّ يكون قادرًا على وصف حقيقة الأمور وماهيتها، فإن القدرة على توصيل الأفكار بشكل شفهيّ أو كتابيّ، أو حتَّى بصري هو أمرٌ
سيَمنع المُستقلّ من إنشاء نماذج (mockups) مُتلاحقة لكلٍ تفصيل صغير في المشروع.
.
-يجب على المُصمّم أنّ يكون قادرًا على تفسير وشرح تفصيلات تصميمه وتقديم الأسباب وراء اختيار جزئيّة مٌعيّنة دون غيرها، وذلك في سبيل تجنب
طلبات التعديل المتكرّرة وغير النهائيّة، وبشكلٍ يجعل من المُستقلّ مجرّد أداة تخضع لذوق العُميل وآرائه الاعتباطيّة، ولأن المُصمّم هو الخبير، وصاحب
التجارب السابقة، فمن واجبه تفسير وتوضيح الأمور للعميل.
.
-يجب على المُصمّم أنّ يكون قادرًا على التحكم بزمام الأمور، فهو صاحب النّظرة التصميميّة الأقوى، وألا ينتظر من العميل أن يَطرح قائمة من المهام
لكي يتمّ تنفيذها، حيثُ أن هذا الأسلوب قد يدفع العُملاء إلى الإحباط، الأمر الذي قد لا يترك فرصة ثانية للمُستقلّ ليُثبت بها نفسه، مع العلم أن بعض
العُملاء تتوقع من المُستقلّ استلام قيادة المشروع والتحكم به من الألف إلى الياء، وذلك في سبيل الوصول إلى بر الأمان، ولذلك على المُصمم أن يَعي
أهميّة تحديد واختيار المُستوى المطلوب من المُتابعة والتفاعل مع العميل لقيادة المشروع إلى بر الأمان.
.
-يجب أن يَملك المُصمّم ثقةً بعمله وبتصميمه، حتَّى لو كان التصميم في مرحلته الأوليّة وغير مُدقّقٍ بشكل نهائيّ، حيث أن مشاركة التصميم الأوليّ مع
العميل وقبل الموعد النهائيّ وبشكل متكرّر هو السبيل في الحصول على ردود فعلٍ إيجابية (feedback) ذات قيمة، وسيمنع ذلك من طلب العميل
تعديلًا جذريًّا في نهاية المشروع، وتسمح للعميل بالتركيز على النقد البنّاء الّذي من شأنه أن يَسمح بدوران عجلة الإنتاجيّة نحو الأمام.
.
لوم العميل
يبدأ مُعظم المُستقلّين في عالم العمل الحرّ جاعلين نصب أعينهم عدم طرح شيءٍ من عملهم قد يَظهر عليه شيءٌ من النّقص أمام عُملائهم، بمعنى آخر يَجد
المُستقلون أنفسهم مدفوعين إلى بذل أقصى ما لديهم لتقديم أعمالهم بشكلٍ يميل إلى المثاليّة، وفي حال حصولهم على استجابة تقلّ عن توقعاتهم،
سيصابون بشيءٍ من الإحباط الأمر الّذي من شأنه أن يُؤثر على المُنتج النهائيّ، مما يدفعهم نحو الدفاع عن آرائهم ولوم العميل لعدم تزويدهم بالمعلومات
الكافية والوافية للصورة النهائيّة للمشروع.
.
مُساعدة العُملاء في جعلهم عُملاءً أفضل
من النادر أن يُوظّف صاحب المشروع مُستقلًا وهو يَعلم باطن الأمور وخفاياها بنفسه، فالعُملاء ليس بالضّرورة أن تأتي حاملة معها المعرفة المطلوبة
لتكون من النوع المرن في المُعاملة، فمن المُحتمل جدًا أن يكون العميل لم يسبق له أن عمل مع مُستقلٍ من قبل، ولذلك على المُستقلّ أن يكون صاحب
المُبادرة في توجيه العميل نحو الطريق الصحيح.
.
كيف يُطوّر المُستقلّ نفسه
وصلّت إلى نقطةٍ من مسيرتي المهنيّة كمُصمّم ومُستقلّ مُحترف أدرك فيها أنّ التعامل مع العُملاء هو لأمرٌ لا ينتهي عند نقطة مُحددة، بل هو عمليّة
مُستمرّة وخبرة مُكتسبة، ومعرفة تراكميّة تزداد مع الوقت، وعندما أقوم بمقارنة بداياتي مع وضعي الحاليّ، أجد أنّي بالفعل قد تطوّرت كثيرًا، ولكنّي إلى
الآن لم أصل إلى مرحلة الكمال والمثاليّة.
ليس من المُفترض أن يكون العمل كمُستقلّ بذلك الصعوبة، ولكن بنفس الوقت هو ليس سهلًا ويتطلّب العمل بهذا النظام جهدًا لا يُستهان به، وهذا الجهد
سيحصد ثماره لا محاله، فعندما يَستثمر المُستقلّ الوقت في التواصل مع العُملاء، فهو يُقوّي من العلاقة بينه وبين العميل ويزيد من الثقة بينهما، هذا
التواصل المُثمر هو الّذي سيصب في النتائج النهائيّة للمشروع.