تسعى المؤسسات في كافة أنحاء العالم إلى الحصول على إدارة الجودة الشاملة؛ لأنها أصبحت أحد أكبر المتطلبات التي تحتاجها الأسواق في وقتتا
الراهن؛ إذ تضمن بقاءها، واستمراريتها.
وقد عرّف معهد الجودة الفيدرالي المبادئ الأساسية لإدارة الجودة الشاملة بأنها:
-رضا العملاء.
-التحسين والتطور المستمر.
-مسؤولية كل شخص مشارك في إنتاج المنتجات والخدمات.
قد تكون النقاط سالفة الذكر مألوفة بالنسبة لك، ولكن كما يقول الدكتور “صمويل جونسون”: “إن ما نحتاج إليه ليس تعلم حقائق جديدة، بقدر ما يجب
تذكيرنا بالحقائق القديمة التي نعرفها بالفعل”؛ لذلك دعونا ننظر إلى ما يعنيه هذا، ونلقي الضوء على الجودة الشاملة من خلال عيون العملاء.
.
تحديد طبيعة الأعمال
بدايةً، عليك أن تحدد طبيعة الأعمال التي تسعى إلى إدارة الجودة الشاملة لها؛ مثل السمات التي يريدها عملاؤك، وإيجاد الطرق والوسائل المناسبة لبناء
تلك السمات في منتجاتك. ونظرًا لأن إدارة الجودة تشدد على التواصل الجيد، فيجب على رواد الأعمال وموظفيهم مشاركة المعلومات والأفكار،
والاعتماد على العمل الجماعي؛ وذلك على النقيض من المنافسة الداخلية التي لا تشجع على ذلك.
وفي هذا الصدد، يقول “تشارلز ديجيرت”: “يعتمد عليك الآخرون في النجاح في مواقف التعاون، ولكنهم هم أنفسهم من يأملون رؤيتك تفشل في المواقف
التنافسية”. أيضًا تدعو إدارة الجودة الشاملة إلى التمكين؛ كأن تمنح موظفيك سلطة اتخاذ القرارات الفورية، دون التحقق من ذلك عن طريق المشرفين.
وتستخدم إدارة الجودة الشاملة القرارات القائمة على الحقائق، فعندما تسوء الأمور ينتقل التركيز عوضًا عن “من فعل ذلك” إلى “ماذا حدث ولماذا؟”؛
ومن ثم فهي تنظر إلى العملية نظرة شمولية من خلال منظور عام، والخطوات التي تمت بها العملية، وفي أي خطوة حدثت المشكلة؟
.
ردود أفعال
وتتطلب إدارة الجودة الشاملة ردود أفعال؛ إذ تتيح الإدارة للموظفين، معرفة المجالات التي يتقنونها، والمجالات المطلوب تحسينها؛ وبالتالي إيجاد وسائل
لمكافأة السلوك الإنتاجي الموجه للجودة، وتوفير مثبطات للسلوك غير المنتج الذي يعيق سير العملية.
وتعد عملية إدارة الجودة الشاملة عملية طويلة المدى، لا تتوقف عند حد معين؛ إذ قد يستغرق الأمر وقتًا لإجراء تغييرات لازمة لتحقيق الجودة المطلوبة،
والتي قد تختفي بين عشية وضحاها، إذا لم تقم بإضفاء الطابع المؤسسي عليها.
.
إشراك الموظفين
ولاعتماد إدارة الجودة الشاملة، أنشئ ثقافة جيدة، مع إشراك الموظف كعنصر رئيس؛ وهو ما يتطلب أكثر من تدريب للموظف على التقنيات الميكانيكية
والإحصائية؛ بمعنى تثقيف فريق عملك بطريقة جديدة لأداء المهام، وتعليمهم رؤية مهامهم، ليس باعتبارهم مشغلي ماكينات أو معالجي طلبات، بل
باعتبارهم مضيفين للقيمة؛ إذ يجب عليهم تبني موقف واضح يضع الجودة في المرتبة الأولى، ويرفض قبول نتائج من الدرجة الثانية.
ويستلزم ذلك، تطوير، وتعليم، ورعاية القيم الموجهة نحو الجودة، فعلى سبيل المثال، عندما باشر البروفيسور”ليفي شتراوس” مساره في تحسين الجودة،
اعتمد بيانًا عن التطلعات كدليل موثوق للسلوكيات الجديدة، ثم طور برنامجًا تعليميًا شاملًا لتعليم أفراد هذا الدليل على ممارسة السلوك الموضح في
بيان التطلعات.
كذلك، عندما شرعت زيروكس في برنامجها “القيادة من خلال الجودة”، تلقى كل موظف بها، دورة تدريبية لمدة ٢٨ ساعة على الأقل؛ لتعلم وإتقان تلك
الثقافة الجديدة، كما قام أحد موكلي شركة “ديوك باور أوف كاروليناس” باعتماد مجموعة مبادئ توجيهية وعرضها على الشركة؛ ما جعلها تطبعها على
بطاقات بحجم المحفظة؛ ليستخدمها الموظفون كقائمة تحقق، والتأكد من أن كل موظفي الشركة أصبحوا على دراية بها.
.
خصائص الجودة الشاملة
لقد لاحظت عند قيامي بدراسة جهود إدارة الجودة الشاملة الناجحة، أنها تشترك في عدة خصائص، تمثلت فيما يلي:
– الوقاية بدلًا من الفحص والتصحيح: تشير الدراسات إلى أن إنفاق دولار واحد على الوقاية، يتطلب إنفاق عشرة دولارات على الفحص والتصحيح.
على سبيل المثال، اكتشف أحد أقسام شركة IBM أنه كان يصنع نحو ٩٦٪ من طلباته بشكل مثالي، ولكن إصلاح الـ ٤٪ الباقية كان يضطره لتشغيل
نحو ٥٨٪ من الأفراد والأجهزة.
– التحسينات الإضافية: ابحث عن طرق لإجراء تحسينات طفيفة وصغيرة، فسوف يدهشك تأثيرها التراكمي.
يخلط بعض رواد الأعمال بين الوسائل والغايات، فلا معنى لأن نقول: ” قمنا بتدريب ١٠٠٠ موظف في إدارة الجودة الشاملة”، لكن ما يهم بالفعل هو
تأثير هذا التدريب على أداء شركتك.
لقد قامت شركة لوميجا أوف روي، بولاية يوتا الأمريكية، المصنعة لمحركات الأقراص لأجهزة الكمبيوتر، بخفض دورة الإنتاج لمنتجها من ٢٨ يومًا إلى
١- ١/٢ يوم؛ وذلك بغرض تحويل الخسارة التي بلغت نحو ٣٦ مليون دولار في عام ١٩٨٦ إلى أرباح قدرها ١٤ مليون دولار في عام ١٩٩١. لذلك،
عليك البحث دومًا عن الأشياء التي لها تأثير ملموس على الأداء، وقم بقياسه بعائد الأصول، والقيمة المضافة لكل موظف.
.
إضافة القيمة
ولأن ممارسة الأساسيات هي مصدر الجودة، فعليك البحث عن الأشياء التي تضيف قيمة؛ من خلال طرق بسيطة، والبحث عن طُرق تجعلك تتحرك
بشكل أسرع، فهناك أفكار معززة للجودة وبسيطة بشكل مثير للدهشة؛ على سبيل المثال، لقد وجدت شركة L.L. Bean- التي تبيع منتجاتها عبر
الإنترنت- أن بإمكانها تحسين سرعة ودقة قسم الشحن التابع لها بشكل كبير من خلال تخزين المواد كبيرة الحجم بالقرب من محطات التعبئة؛ فكان هذا
المقترح من العمال أنفسهم، الذين يقومون دومًا برسم المخططات البيانية؛ للبحث عن العوائق التي تحول دون ارتفاع مؤشر الجودة.
ومن جانبها، قامت شركة لوميجا بخطوات اتخذتها في تجميع معداتها بمجموعات؛ وهي تقصير دورة إنتاجها عبر مهاجمة الاختناقات؛ الأمر الذي مكنها
من تجميع منتجاتها في عملية واحدة متواصلة، دون الحاجة إلى تخزين الأجزاء لعدة أيام في وقت واحد في مناطق الحجز.
قد يكون قياس الأداء أداة قوية لتحقيق الجودة الشاملة؛ ما يعني المقارنة المعيارية، وفحص أساليب الأعمال الأخرى التي تؤدي المهام بالشكل الصحيح،
وتحديد أساليبها كحد أدنى لمعاييرك. فعلى سبيل المثال، قامت شركة زيروكس بتقييم خطوة واحدة إلى الأمام؛ إذ نظرت إلى الشركات الأخرى بحثًا عن
أفضل الممارسات، التي استنبطتها؛ ما جعلها تتوقع أعلى المعايير مستقبلًا، والتي وضعت استراتيجياتها وفقًا لها.
.
انظر إلى منافسيك
وفي نهاية المطاف، أحذرك -كرائد أعمال- من عدم إجراء القياس؛ حتى يكون لديك برنامج جودة شامل مطبق، فلا تستخدم المؤسسات العالمية كمعايير
مرجعية، بل انظر إلى منافسيك، وابحث عن طرق تحسِّن من أسلوب عمل شركتك.
إن تطبيق إدارة الجودة الشاملة يستلزم التغيير، الذي يعد من الأمور المخيفة لدى كثيرين، فالجميع لا يستمتعون بالتغيير والتحدي، كما أن الغالبية يريدون
تشييد خيام مريحة، والبقاء بها، ويفضلون الشعور بالراحة أكثر من شعورهم بالتميز، ولكن كلانا- أنا وأنت- على يقين بأننا لن نرضخ بالبقاء في العمل
بمثل هذا الإحساس. إننا نبقى في العمل لنحقق التميز؛ لذا علينا تحسينه من خلال إدارة الجودة الشاملة، التي هي بمثابة نظام لإضفاء الطابع
المؤسسي على التميز.