التسويق المستدام.. استراتيجية ثلاثية الأبعاد
15 سبتمبر، 2019الأهداف التخطيطية.. متى وكيف تصل؟
15 سبتمبر، 2019
القيادة هي الخدمة؛ هل ترى أن هذا القول مقبولاً؟ بالطبع كثيرون سيعتبرون أن هذا الرأي ضرب من الجموح اللفظي، وأنه لا شيء واقعي يمكن تسميته
بـ القائد الخدوم ؛ فمن بين أوهام الناس عن القيادة أنها نوع من التسلط، والتعسف.. إلى آخر هذه الصفات العنيفة.
وفي الحقيقة، فإن جوهر القيادة، وبعيدًا عما يظنه الناس وعن أوهامهم، وبعيدًا أيضًا عن ذاك السؤال الأبدي “هل القيادة مهارة أم فطرة؟”، خدمة؛ فكل
قائد وُضع في مكان ليخدم الناس، ويلبي مصالحهم، ويسهر على رغباتهم.
وبطبيعة الحال، ليس هذا الواقع غالبًا؛ فكثير من القادة والمدراء ينظرون إلى القيادة من منظور مختلف عن هذا الجوهر الذي أشرنا إليه أعلاه، لكننا
سنضرب عنه صفحًا الآن؛ رغبة في التوجه رأسًا إلى موضوع القائد الخدوم.
.
هل الخدمة للضعفاء؟!
قد يتصور بعض من يسمع عن القيادة الخدمية أنها لا تليق سوى بالضعفاء ومعدومي الشخصية، ومحدودي الأثر والنفوذ، في حين أن الأمر ليس كذلك
على الإطلاق، فأولًا: القيادة الخدمية قرار طوعي واختياري من قِبل القائد أو المدير، وليس مفروضًا عليه، وهذا في حد ذاته دليل على القوة
وليس العكس.
وثانيًا: القادة الخدومون يستطيعون أن يكونوا شديدي الهرمية في التفكير، بل مستبدين أيضًا، لكنهم لا يكونون كذلك إلا في مواقف محددة (لنتذكر مرة
أخرى أن القيادة الخدمية قرار طوعي واختياري من الأساس) وهذه المواقف المحددة مثل تلك المتعلقة برسالة الشركة، وإلى أين تتوجه؟ وما القواعد
التي تحكم السلوكيات المقبولة؟ ماذا يجب أن نفعل إن كانت هناك فجوة بين المعايير والأداء الفعلي؟.. إلخ.
وعلى هذا يمكننا القول، وعن طيب خاطر، إن القائد الخدوم لا يتنازل عن صلاحياته، ولا يجري، بين فينة وأخرى، تصويتًا ديمقراطيًا على هذا الأمر
أو ذاك، هو فقط يمنح مرؤوسيه وموظفيه البوصلة التي ستوصلهم إلى الاتجاه الصحيح.
إنه يساعد كل موظف من العاملين معه على تحديد الاتجاه الذي يراه مناسبًا له شخصيًا، كما يعمل، كذلك، على تلبية رغبات مرؤوسيه الحقيقية
والمشروعة، لكنه يفعل هذا، وبعيدًا عن أي اعتبارات إنسانية، من أجل ضمان إنجاز المهام المطلوبة وعلى الوجه الأمثل.
.
السلطة أم التأثير؟!
القادة، في الواقع، نوعان، أحدهما ينهج نهج التسلط، والعنف، والديكتاتورية، وعدم سماع سوى صوت نفسه، وهذا النمط يعتمد، في تنفيذ قراراته، على
ما في يديه من سلطة تمكّنه من معاقبة كل من تخلّف عن إطاعة أوامره.
لكن هذه السلطة، من حيث العمق والجوهرة، دائمًا محدودة الأثر، فإذا كنت تعتمد على سلطتك فإن موظفيك سيقومون فقط بما ينجيهم من إيقاع العقوبة
لا بما تقتضيه مصلحة العمل، وفي الأغلب، لن يبذلوا قُصارى جهدهم من أجل تقدم الشركة والدفع بها إلى الأمام، بل من أجل اتقاء العقوبة والخصم.
وللسلطة _ونقصد هنا الاستخدام السلبي للسلطة_ وجه سلبي، وعلى درجة كبيرة من الضرر والخطورة، وهو ذاك المتمثل في أنها تدمر العلاقات؛ فحين
تطلب من أحد موظفيك أن يؤدي مهمة ما وإلا سيدفع الثمن، فإنك تضمن إنجاز المهمة، لكنك ستخسر هذا الموظف للأبد، وستخسر، كذلك، حبه للعمل،
وتفانيه من أجله.
وليكن على بالنا قول خبير القيادة العالمي روبرت جرينليف: “كلما أفرطت في استخدام السلطة الجبرية، قلت قيمتها وفعاليتها”.
أما النوع الثاني من القادة والمدراء فهو على النقيض تمامًا من هذا النمط الأول؛ إذ يقرر المدير الخادم تنحية كافة سلطاته وصلاحياته، ويزيح من عقله
فكرة المعاقبة المباشرة، فهو يحاول أن يأسر قلوب موظفيه، وأن يسحرهم بما يقدمه، ويفعله. إنها سلطة التأثير، إذن، وليس تأثير السلطة.
يضرب هذا النمط من المدراء المثال بأنفسهم دائمًا، أي أنهم القدوة في كل ما يتعلق بالعمل، والتفاني فيه، وفعله سابق على قوله في كل الأحوال
والمواقف. وهذا النوع من المدراء هم الأكثر نجاحًا، والأكثر أداءً للمهام بنجاح وفعالية.
.
استخلاص أساسي:
لعل أبرز ما يمكن قوله، بعد هذا العرض السالف، هو أن النجاح في القيادة ليس أمرًا سهلًا بحال من الأحوال، فالخيار الأسهل، دائمًا، لأي مدير أو قائد،
أن يكون عنيفًا ومتسلطًا، لكن محاولة أسر قلوب الموظفين، والتأثير في شخصياتهم، وتعديل سلوكهم، وتحويل مجرى حياتهم، مهمة كبيرة وشاقة في ذات
الوقت، ولذلك لا ينهض بها إلا من آمن بالمعنى الحقيقي وجوهر القيادة.
2 Comments
[…] كما أن إعطاء أحدهم لقب المدير، لا يعني أنّه أصبح القائد الوحيد […]
[…] الابتكار بشكل دائم. القائد الذي ما ينفك يبلغ العاملين في المؤسسة بأنه يريد […]