كيف ينجح التخطيط الاقتصادي؟
15 أكتوبر، 2019أخطاء كلاسيكية يقع فيها معظم القادة.. هكذا تتخطاها
16 أكتوبر، 2019
تطور الاستراتيجيات والطرق التسويقية يومًا تلو الآخر، وذلك بفعل تغير تفضيلات البشر طوال الوقت، ومن بين هذه الأسلحة التسويقية الغريبة والمثيرة
في نفس الوقت ما يمكن أن نسميه سطوة المحبة ؛ إذ لم يعد المنتج نفسه هو الدافع والمحفز وراء عملية الشراء، بل أمسى ضغط المحبة والصداقة هما
المحفزان وراء تفضيل منتج بعينه دون سواه.
يتعلق الأمر هنا، بالاستغلال الأمثل للعلاقات الاجتماعية التي يكونها أحد المتعاملين مع هذه الشركة أو تلك مع دوائره الاجتماعية، والأشخاص المحيطين
به. إن سلاحًا كسلاح المحبة من أكثر الأسلحة التسويقية نجاحًا وإثارة للجدل.
فكيف يمكننا أن نفهم أن العملاء يفضلون هذا المنتج، فقط، لأن الذي عرضه عليهم هو أحد أصدقائهم، أو شخص محبوب بالنسبة لهم؟! وكيف يمكننا فهم
أنه ليس للمنتج وسماته Features الكلمة الأخيرة في قرار الشراء؟!
لكن يجدر بنا، في هذا الصدد، أن نشير، ولو من طرف خفيّ، إلى أن قرارات العملاء ليست عقلانية كلها، بل بعضها عاطفي؛ إذ يكون محركها ودافعها
الأول هو العاطفة لا العقل، وعلى ذلك، فليس بمستغرب أن يفضّل بعض الناس منتجًا بعينه لأن العارض أحد أصدقائه أو محبيه.
.
حليف لا يمكن مقاومته!
إذا أحسنت الشركات استخدام هذا النهج التسويقي فستجد أن معدلات مبيعاتها ستقفز للضعف، فالصداقة والمحبة، وشتى صنوف العلاقات التي تؤثر في
المرء تأثيرًا إيجابيًا أو سلبيًا لا يمكن مقاومتها، بل ستكون هي الرابح في النهاية.
لنتأمل قول هذه السيدة الذي أورده دكتور روبرت. ت.سيالديني؛ في كتابه “التأثير..علم نفس الإقناع”؛ حيث تقول:
“وصل الحد إلى أنني أصبحت أكره أن أُدعى إلى حفلات توبروير (شركة). لديّ كل ما أحتاج إليه من العلب البلاستيكية، وأستطيع أن أشتري علامة
تجارية أرخص من السوق، لكن عندما تتصل بي إحدى صديقاتي، أشعر بأنني يجب أن أذهب، وعندما أصل إلى هناك، أشعر بأنني يجب أن أشتري
شيئًا. ماذا أستطيع أن أفعل؟ إنه شيء أفعله من أجل صديقتي”.
تعليق هذه السيدة، رغم اقتضابه، يميط اللثام عن أشياء جمة، فهو في البداية يلفت الانتباه إلى سطوة المحبة والصداقة، ومن ناحية أخرى يؤكد ما يشدد
عليه المنظرون الاجتماعيون والاقتصاديون وهو كون إنسان القرن الحادي والعشرين هو إنسان استهلاكي قبل كل شيء.
شهوة الشراء موجودة، إذن، لدى الناس، لكن المطلوب أن نضرب على اللحن الصحيح، أي أن نعرف كيف نستحث هذه الشهوة، والحقيقة، أنه لا يسعفنا
في هذا الصدد إلا المحبون والأصدقاء.
وبالجملة، فإن الشركات إذا استطاعت أن تستخدم أشخاصًا ذوي علاقات واسعة ومتشعبة، كمندوبي مبيعات، أو، على الأقل، أن تقنعهم بجودة منتجاتها،
فإنها ستحقق معدلات مبيعات مرتفعة؛ فدافع معظم سلوك الإنسان الواعي، في أغلبه، هو تقليد ومحاكاة الآخرين، فكيف إذا كان هؤلاء الآخرون هم
أصدقاؤك ومحبوك؟!
.
الحفلات المنزلية وإطاعة الآخرين:
كانت شركة توبروير _ المشار إليها أعلاه_ من أبرز الشركات التي تستخدم التسويق بالمحبة كسلاح تسويقي، وطريقتها في هذا كانت ذكية وسهلة في
نفس الوقت؛ إذ لم تكن تفعل شيئًا باستثناء إقامة الحفلات المنزلية بشكل دائم، وهناك يفعل الحب والصداقة مفعولهما.
وهناك، أيضًا، نجد التجلي الأمثل لرغبة الإنسان الدفينة في تقليد وإطاعة الآخرين، طبعًا ليس هذان هما الدافعان الأساسيان، فهناك الكثير من الدوافع
الأخرى، مثل الوجاهة الاجتماعية وغيره، لكن ما يعنينا قوله هنا إن شهوة الشراء تصل هنا حدودها القصوى.
ولكي ترى تأثير الأصدقاء واضحًا وجليًا عليك أن تُلقي نظرة خاطفة على حفلات جمع التبرعات، فهنا نجد أن حضور الصديق ليس مؤثرًا فحسب، بل
حتى مجرد ذكر اسمه يكون له وقع حسن، وأثر جيد، وبالتالي نرى الناس يتبرعون بأموالهم؛ لعلمهم أن صديقهم هذا أو ذاك منخرط في هذا المشروع،
أو تبرع من أجله.